تُعرف النقائض لغويًا بالنقض أي إبطال حكم ما، أمّا في الاصطلاح فهي أحد فنون الرد الكلامي والذي يُستخدم للتعبير عن فن من فنون الشعر، وخاصةً ذلك الشعر الذي يسعى الشاعر للرد على قصيدة الخصم، وإرجاع ما فيها من اتهامات ومضامين، وذلك من خلال نظم قصيدة أخرى على نفس الوزن والقافية، وعُرف هذا اللون الشعري منذ العصر الجاهلي، ثمَّ امتدّ إلى العصر الأموي، حيث ازدهرّت النقائض على يد الفرزدق، وجرير، والأخطل، وفي هذا المقال سنتحدث عن شعرء النقائض الثلاث، وهم على النحو الآتي:
- جرير
هو جرير بن عطية بن حذيفة اليربوعي، والمُكنّى بأبي حزرة، أحد أشعر شعراء عصره، ومن أبرز شعراء دولة بني أمية، وخاصةً كونه أحد أبناء المثلث الأموي (جرير، والفرزدق، والأخطل)، ويُذكر أنَّ هذا الشاعر نشأ فقيرًا، حيث وُلد في اليمامة عام 30 هـ، حيث عمل في رعي إبل قومه منذ صغره، وأقبل على نظم الشعر منذ مقتبل عمره، فلقد مدح يزيد بن معاوية وحصل على جائزةً مقابل ذلك، وبعد ذلك أصبح جرير من الأشخاص الذين نالوا شرفًا ومكانةً عظيمة لدى الخلفاء الأمويين، وخاصةً الخليفة عبد الملك، وامتاز شعره بقوته وجزالته، وخشونة وغرابة ألفاظه؛ نظرًا لبيئته البدوية التي ترعرع بها ونهل من ثقافتها، ومن أشهر ما قال جرير في الهجاء الأبيات التالية:
خزي الفرزدق والأخيطل قبله
والبارقي وراكب القصواء
ولأعوري نبهان كأس مرة
ولتيم برزة قد قضيت قضائي
- الفرزدق
يُعتبر ثاني أشهر شعراء النقائض، وهو همام بن غالب بن صعصعة، ينتمي إلى تميم وكانت ولادته في مدينة البصرة عام 641، حيث نشأ وترعرع في البادية، وأخذ الكثير من طباعها وصفاتها، فكانت من أبرز صفاته القوة، والغلظة، والتعالي، والتعصب القبلي، ويُذكر أنَّه عاش طويلًا، وأمضى حياته متجوّلًا بين الخلفاء والولاة؛ إذ يمدحهم حينًا، ويهجوهم حينًا آخر، وامتاز بموهبته الشعرية فلقد كتب في الأغراض الشعرية المتعددة كالغزل، والمدح، والفخر، والهجاء، والنقائض. - الأخطل
هو غيّاث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو، أحد أشهر شعراء النقائض، وأحد أبناء قبيلة تغلب، وكان يُلقّب بالأخطل لاضطراب في كلامه، وهو شاعرًا نصرانيًا؛ حيث عيّره جرير بنصرانيته في شعر النقائض، وامتاز الأخطل بأشعاره فلقد نظم أشهر أشعار في النقائض وبمجالات متنوعة، ولكنه برع براعةً مذهلة في الغزل الذي كان حسنًا ورقيقًا، ومدح خلفاء بني أمية، واتصف شعره بالجزالة، والتقليد الشعري للشعراء الجاهليين، بحيث كانت يُقسم أشعاره إلى أجزاء يبدأها بالنسيب والوقوف على الأطلال، ثمَّ العديد من المقطوعات الشعرية الموجزة.
